المؤلف هو محاولة لرصد خلاصة التدبير الرسمي للأمازيغية بالمغرب، والتأثير المحتمل للسياق الدولي وخاصة آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تشكل معالم هذا التدبير، وذلك من منطلق نظري نسبي يعتبر أن الأمازيغية، لغة وثقافة، تدخل في إشكالية عامة تترجم النزاع بين الواقع والقانون، بين واقع اجتماعي وثقافي في المغرب بالخصوص، وشمال إفريقيا بشكل عام، وبين مؤسسات الدولة التي تدبره وتضبطه في إطار سياستها. هذا النزاع لم يشكل على الأرجح مجالا للدراسة الأكاديمية بشكل واسع، بالرغم من الطروحات الكثيرة والمتعددة التي صبغت هذا الموضوع خلال العقود الأربعة الأخيرة على الأقل. لذلك، يحظى هذا الموضوع في نظرنا بأهمية خاصة، ليس من حيث راهنيته وحضوره المجتمعي فقط، وإنما أيضا من حيث سياق المستجدات الدستورية التي حملها دستور 2011، وبشكل خاص، التحولات التي سجلت بفعل ترقية اللغة الأمازيغية إلى لغة رسمية لأول مرة على خلاف الدساتير المغربية السابقة.
وقد ركزنا في
دراسة هذا الموضوع، أساسا، على الرصيد الهام لتجربة المغرب في تفاعله مع الآليات
الأممية لحقوق الإنسان، بحيث قدم عشرات التقارير
الدورية منذ التقريرين الأولين المقدمين أمام لجنة القضاء على التمييز العنصري سنة
1972، وللجنة المعنية بحقوق الإنسان سنة 1981، واعتمد في ذلك عددا من الاستراتيجيات
والسياسات الهادفة لتنفيذ الملاحظات والتوصيات المعتمدة من طرف مختلف الآليات الأممية
بمناسبة فحصها للتقارير الدورية المقدمة من طرف المغرب.